الجمعة 26 أبريل 2024 م - 17 شوال 1445 هـ

(كتابات تأسيسية في الثقافة السينمائية) .. الريادة سينمائياً ونقدياً

الإثنين 03/ديسمبر/2018 - 10:16 ص
The Pulpit Rock
أروى تاج الدين
 

على إمتداد تاريخ السينما المصرية الذي يتعدى المائة عام قلما اجتمعت مهنتي صناعة الأفلام والنقد في شخص سينمائي واحد، وحتى إذا اجتماعتا فيجب أن تصارع أحدهما الأخرى وتنتصر واحدة منهما في النهاية. لكننا هنا يمكننا القول بمنتهى الأريحية والثقة أن هاشم النحاس سينمائي اجتمعت فيه الوظيفتين بنفس القدر من الإبداع والتمكن ونفاذ البصيرة، واستطاع أن يقدم لنا أفلام تسجيلية وضعت فكراً جديداً رائداً في الصناعة، وقامت بتوجيه بصلتها إلى اتجاه جديد في وقت كانت تقتصر فيها الأفلام التسجيلية على التقارير التلفزيونية واللقاءات المصورة. فتمكنت هذه الأفلام من التعبير عن روح الشخصية المصرية على اختلافاتها، وسبر أغوار النفس الإنسانية بلغة سينمائية بليغة خلدت أسمها في التاريخ، واعتبر أحدها وهو فيلم (النيل أرزاق) أحد أهم الأفلام االتسجيلية ليس في مصر ولا الوطن العربي فقط لكن على مستوى العالم.

وحينما يكتب هاشم النحاس عن السينما وتحليلها وكشف مواطن جمالها وضعفها فهو أيضاً ينفذ إلى روح الصناعة وتفاصيلها ويستكشف بعين الصانع بنائها ويقوم بتفكيكه وتفنيده بدراسة علمية ممنهجة ولغة هادئة رصينة دون استخدام كثير من المصطلحات العصية على فهم المبتدئين أو غير المتخصصين، فيستطيع الجميع أن ينهلوا منها ما شاءوا، سواء كانوا صانعي أفلام أو نقاد أو دارسين أو مجرد متذوق عاشق للسينما. وهو أيضاً يعد في هذا المجال رائداً، حيث كانت مقالاته و دراساته، التي نشرت في عدد من المجلات أو جمعت بين دفتي عدد من الكتب بلغ ما يقرب من أربعة عشر كتاباً، هي الأولى من نوعها في مجال الدراسات السينمائية.

الكتاب الذي بين أيدينا اليوم (كتابات تأسيسية في الثقافة السينمائية) والذي صدر حديثاً عن الهيئة العامة للكتاب في مائة وثمانية وسبعين صفحة، يضم بين دفتيه عدداً من الدراسات السينمائية المتنوعة، تناقش موضوعات سينمائية شتى نشرت بين عامي 1963 و 1975 في مجلة السينما ومجلة المجلة، فيما عدا (اللقطة 701) والتي نشرت ضمن كتاب يوميات فيلم، و(شخصيات ميرامار بين الرواية والفيلم) والتي نشرت في كتاب نجيب محفوظ على الشاشة، وكلاهما صادران عن الهيئة العامة للكتاب.  

 ما يجمع بين هذه الدراسات السبع التي يتألف منها الكتاب أنها وضعت حجر الأساس للدراسات السينمائية الممنهجة أو كما يقول دكتور محمد كامل القليوبي في مقدمة الكتاب "فبالإضافة إلى القيمة العالية للدراسات التي يحتويها وأهميتها البالغة، يرصد الكتاب وعلى نحو غير مسبوق البدايات الأولى لتأسيس الدراسات السينمائية والنقد السينمائي المنهجي في العالم العربي".

1- سيكولوجية الإبداع والسينما

يحاول هاشم النحاس في هذه الدراسة وضع خريطة عامة لدراسة علم النفسي الإبداعي وأهمية تطبيقه في مجال السينما عن طريق اختيار الدارسين في معهد السينما من خلال اختبارات دقيقة مقننة تقيس مقدرتهم على الإبداعوالتجديد والخروج بأفكار فنية جديدة، واستكشاف سمات المخرجين العاملين بالفعل وتطوير رؤيتهم، وتقديم أسئلة عامة للنقاد يمكنهم من خلالها تحليل الأعمال الفنية وتقييمها. وقد اعتمد النحاس في ذلك على أبحاث دكتور يوسف مراد وتلميذه مصطفى سويف في دراسة الظاهرة الإبداعية.  

يحدد النحاس في دراسته القدرات الإبداعية للنشاط العقلي للمبدع  في قدرته على الوعي بالمشكلات والقضايا ووضع يده على جوهرها الحقيقي، وقدرته على التعبير عن هذه المشكلات بأفكار طازجة وأسلوب جديد ومختلف ولغة بصرية بديعة تعبر عن أفكاره دون صنعة شكلية جوفاء، وقدرته على تقييم إنتاجه وتطوير أدواته من خلال مرونة التفكير وتوجيهه إلى زوايا مختلفة بما تفرضه التغيرات التي تطرأ على المشكلات الأمر الذي يستلزم إيجاد حلول مغايرة. وبالنظر إلى إنتاج النحاس ذاته في السينما التسجيلية نجده قد استفاد كثيراً من دراسته لعلم النفس الإبداعي، فاستطاع أن يقدم سينما تسجيلية جديدة معتمدة على أفكار بسيطة لكنها مبتكرة وصورة سينمائية ثرية بالرموز والدلالات. ففي فيلمه (النيل أرزاق)، على سبيل المثال، قدم حياة الناس المعتمدة على النيل كمصدر رزق لهم والعمل الشاق الذي يبذلونه في سبيل رفاهية واستمتاع آخرين دون جملة حوار واحدة معتمداً على ما تشي به الصورة من تفاصيل ومشاعر.

وفي محاولة تطبيق النحاس للأسئلة التي خرج بها من دراسته لعلم النفس الإبداعي للواقع السينمائي المصري في التوقيت الذي نشرت فيه الدراسة في مجلة السينما  عام 1970،وجد أن السينما المصرية تعاني من عدة أمراض منها الجمود والنمطية والافتعال وقلة الأفكار وافتقارها إلى التعبير بالصورة التي هي أساس فن السينما والارتكان إلى الحوار، وهي أمراض لازالت السينما المصرية تعاني منها حتى الآن إجمالا، رغم ظهور بعض الاتجاهات المجددة التي استطاعت التغلب على هذه المثالب، مثل مدرسة الواقعية الجديدة في السينما المصرية.

ولا يقوم هاشم النحاس بإحصاء نقائص الواقع السينمائي المصري فقط ولكن يضع يديه أيضاً على أسباب هذه المشكلات والتي تتمثل في الرغبة في إرضاء الجمهور الذي يتحكم في نجاح الفيلم أو فشله المادي. كما أن هذا الجمهور يمارس نوع من الرقابة على العمل الفني الذي يتجاهله أو يهاجمه إذا مس أحد ثوابته الاجتماعية أو الأخلاقية، إلى جانب الرقابة التي تمارسها المؤسسات السياسية والدينية على صانعي الأفلام وأعمالهم، وهو الأمر الذي لازالت السينما المصرية تعانيه حتى الآن، وبسببه يجد صانعي الأفلام أنفسهم بين شقي الرحى، بين رغبتهم في تقديم فن جيد تتوافر فيه الصفات الإبداعية، وبين إرضاء الجمهور والمؤسسات لنجاح الفيلم جماهيرياً.

ويقدم النحاس حلاً في دراسته لهذا الوضع من خلال أفساح مجال للسينما البديلة التي تسمح بإطلاق العنان لمخيلة مبدعيها في أن يصنعوا ما يشاءوا من أفلام تحمل أفكار جديدة وتقدم رؤى مختلفة المختلفة بأساليب إبداعية، ولا تستهدف الربح بقدر ما تستهدف تقديم ما يناسب ذوق المثقف الذي يبتغي أن ترضي السينما تطلعه إلى مشاهدة فناً خالص.

ولاشك أن هذا الأقتراح أو الدعوة التي قدمها هاشم النحاس في دراسته التي نشرت منذ ما يقرب من خمسين عاماً قد لاقت صداها في الوقت الحالي، ليس على مستوى السينما البديلة أو المستقلة في مصر فقط لكن في العالم العربي أيضاً.

2- التكوين الدرامي للصورة السينمائية في فيلم المومياء:

آلة الموفيولا هي أول جهاز تم اختراعه لتحرير (مونتاج) الأفلام قبل ظهور الكمبيوتر وبرامجه. من خلال امتلاك هاشم النحاس لهذه الآلة استطاع أن يقوم بدراسة وتحليل صورة عدد من الأفلام الهامة كان من بينها فيلم المومياء  الذي يتناوله في هذه الدراسة التي نشرت عام 1970 في مجلة المجلة. يقوم النحاس بتحليل التكوين الدرامي في تسع صور ثابتة يطرح من خلالها أهمية موقع الممثلين من بعضهم البعض في التعبير عن العلاقة النفسية والصراعات التي تربطهم معاً دون اللجوء إلى كثير من الحوار. كما تحدد موقع الكاميرا من الشخصية، وموقع الشخصية من الديكور أو الأشياء المادية المحيطة بها طبيعتها وأهميتها بالنسبة لهذه الأشياء والحالة النفسية التي تمر بها.   وقد أعطت هذه الدراسة أبعاداً جديدة في قراءة فيلم المومياء الذي وقع عليه اختياره لأنه "محاولة نادرة  - وأكاد أقول فريدة – في أفلامنا، باحترامه للقيم التشكيلية في كل لقطة من لقطاته بحيث يتم عرضه كاملاً من خلال عين الكاميرا بالدرجة الأولى فوق كل اعتبار".

3- الكتابة بالضوء – يولد الإبداع من رحم الحاجة

يعد هذا الحوار الذي أجراه النحاس مع مدير التصوير عبد العزيز فهمي ونشر في مجلة السينما عام 1969 لاحقة تكميلية للدراسة السابقة، وذلك للدور الهام الذي يلعبه الضوء في الصورة السينمائية من خلال التعبير عن الجو العام للحدث والحالة النفسية للشخصيات، تماماً مثل اختيار زاوية الكاميرا وموضع الأشياء والشخصيات في الكادر. وعلى الرغم من انقضاء ما يقرب من خمسين عاماً على هذا الحوار، وتطور آلات الإضاءة وتطور الحلول أيضاً، إلا أنه يعطينا صورة حقيقية عن كيف يكون الفنان مبدعاً، وأن المبدع الحقيقي لا يرضخ أمام العقبات، لاسيما المادية منها، وأن يجعل منها نقطة انطلاق لأفكاره المبتكرة.

يسرد عبد العزيز فهمي من خلال هذا الحوار أهم العقبات التي واجهته أثناء عمله، وقد قسمها إلى نوعين مشاكل مادية ومشاكل إبداعية، والتي تم التغلب عليها بحلول جديدة وسهلة.

عند قراءتنا لهذا الحوار تقفذ ذاكرتنا سريعاً إلى أول دراسة في الكتاب عن علم النفس الإبداعي، وتحديد القدرات الإبداعية التي تتمثل في الحساسية للمشكلات وطلاقة الأفكار الجديدة في معالجتها أو التعبير عنها، وبتطبيقنا لتلك الدراسة على هذا الحوار يمكننا أن نأخذ عبد العزيز فهمي مثالاً للمبدع الذي تمثل له المشكلات مصدر إلهام للخروج بحلول إبداعية لا تخرج إلا من نفس عاشقة للفن وروح منغمسة في العملية الإبداعية حتى النخاع. ومن هنا يأتي رابط آخر يربط فصول الكتاب بعضها ببعض سوى إنها كتابات رائدة وضعت أسساً للدراسات السينمائية، وهي أنها كتابات تكاملية أو تطبيقية لما سبقها.

4- اللقطة (701) – يوميات متدرب في موقع التصوير

التحق هاشم النحاس في أواخر الستينات بالمعهد العالي للسينما لدراسة الإخراج السينمائي، وكان من بين مهامه التدريبية مع المخرج صلاح أبو سيف كتابة تقارير يومية عن موقع تصوير القاهرة 30، هذه التقارير التي تحولت إلى كتاب (يوميات فيلم) صدر عام 1967 في سابقة هي الأولى من نوعها ولم يأتي بعده من قام بتكرارها، فيظل محتفظاً لنفسه فرادته وريادته.  

يقتطع هذا الفصل يوم تصوير ليكتب عن أحد اللقطات التي تم تصويرها في هذا الفيلم وهي اللقطة (701) مستفيضاً في ذكر تفاصيل أنواع كشافات الإضاءة المستخدمة وطريقة وضعها ووظيفة كل فني ومهمته في الموقع وأوضاع الممثلين من الكاميرا ، واختيار موضع المايكريفون بما لا يعيق التصوير والتقاط أفضل صوت للحوار وغيرها. وهذا أمر عادي بالنسبة لطبيعة هذه التقارير التي تكون مرجعاً في بعض الأحيان للمخرج وصناع العمل إذا تطلب الأمر إعادة التصوير مرة أخرى. ولكن غير الطبيعي أو المختلف في هذا التقارير أن النحاس لم ينسى أن يمزج ذلك بالتفاعل الإنساني بين العاملين في موقع التصوير بدءً من المخرج والممثلين ومهندس الصوت ومدير التصوير مروراً بعمال الإضاءة والخام والديكور والكلاكيت، فجعل هذا التقرير يضج حياة وصخباً يجعلك تسمع حديثهم وضحكاتهم وتشعر بإرهاقهم من تكرار مرات التصوير حتى الوصول إلى الصورة النهائية للقطة التي سوف يتم طبعها. كما يعطي تجسيداً لواقع العمل في موقع التصوير والصعوبة التي تواجهها تصوير لقطة ربما ليست من الأهمية لتستحق كل هذا المجهود، لكن لأسباب ربما تكون خارجة عن إرادة الجميع.  

5- شخصيات ميرامار بين الرواية والفيلم – كشف الفرص الضائعة

يقول هاشم النحاس عن هذا الفصل أنه "يمثل جزءً من الفصل الأخير من كتاب (نجيب محفوظ على الشاشة)، وهو أول كتاب من نوعه في المكتبة العربية يتناول أعمال الأديب الكبير نجيب محفوظ في السينما، سواء التي كتبها للشاشة مباشرة أو المأخوذة عن عمل أدبي من أعماله".

يتناول النحاس في هذا الفصل شخصيات ميرامار (الرواية والفيلم) بالتشريح والتحليل الدقيق لتاريخ وتفاصيل كل شخصية، عاقدا مقارنة بين ما تناوله نجيب محفوظ في روايته والطريقة التي رسم بها الفيلم ملامح الشخصيات. امتلكت شخصيات نجيب محفوظ التي نسجها أبعادها التاريخية والنفسية التي تعطي منطقية لسلوكها داخل الحدث وتبريراً لما آلت إليه في النهاية فـ"كل شخصية من هذه الشخصيات نمط يرمز إلى طبقة أو فئة أو قيمة معينة مثل الرجعية والإقطاع والاستعمار والانتهازية والخيانة والغش وغيرها من القيم التي تعاني منها مصر وتناهضها".

بينما مسخ الفيلم، الذي أخرجه كمال الشيخ وكتب السيناريو والحوار له ممدوح الليثي، هذه الشخصيات وحولها إلى شخصيات هزيلة سطحية الفكر والفعل والتاريخ، رغم كل الثراء الذي تمتعت به في الرواية، ومن ثم أبتعد الفيلم كل البعد عن الفكرة الرئيسية التي كتبت الرواية على أساسها، فأصبحت شيئاً مختلفاً لا يحمل من الرواية وأشخاصها سوى الأسم فقط.      

6- جيرنيكا وأفلام الفن – بث الحياة في لوحات بيكاسو

يتناول النحاس في هذه الدراسة التي نشرت عام 1970 في مجلة المجلة الفيلم التسجيلي القصير (جيرنيكا)، الذي أخرجه الفرنسي آلان رينيه بالمشاركة مع روبرت هسان عام 1951، والذي تناول مأساة مدينة جيرنيكا التي فتك بها العدوان النازي عام 1937، بالتفكيك والتحليل عن طريق كتابته لسيناريو الفيلم الذي اعتمد بالأساس على لوحات بيكاسو من بينها لوحة جيرنيكا الشهيرة، واصفا حركة الكاميرا على هذه اللوحات التي جعلتها تنبض بالحياة واستطاعت أن تضع المتفرج في قلب المأساة، وتجعله يتماهى مع مشاعر أهل المدينة التي سحقها العدوان. مستخلصاً من هذا التحليل أسلوب آلان رينيه الطاغي على الفيلم "لأننا بعد مشاهدة أعمال رينيه الأخرى التي أخرجها وحده فيما بعد، سواء القصيرة منها أو الطويلة يتأكد لنا بوضوح أن الحركة السينمائية في هذا الفيلم تكاد تكون من صنع آلان رينيه وحده ..".

لا تقتصر هذه الدراسة على تحليل سيناريو فيلم جيرنيكا فقط، لكن يحاول النحاس من خلالها أيضاً فك الاشتباك بين السينما والفن التشكيلي عن طريق ترجمته لمحاضرة بول وران أستاذ التذوق السينما في المعهد العالي للسينما بالقاهرة في تلك الحقبة.

7- إخراج صلاح أبو سيف – تحليل المسيرة الفنية

من هذه الدراسة التي تعد أقدم دراسات النحاس المنشورة في هذا الكتاب إن لم تكن أقدمها على الإطلاق، والتي نشرت عام 1963 في مجلة (المجلة)، يتأكد لنا أن الكتابة النقدية والتحليلة للأفلام ليست مجرد تطبيقاً لقواعد علمية مدروسة وموضوعة من قبل فقط، ولكنها أيضاً موهبة وحس واع بالعمل الفني ورغبة ملحة في تقديم رؤية مختلفة. فيقول النحاس في مقدمة هذه الدراسة "لم أكتب هذه الدراسة بناء على نموذج سابق وإنما اعتمدت فيها على ما تعملته في كتابة الأوراق البحثية خلال دراستي الجامعية ... لم يخطر ببالي أنها الدراسة المنهجية الأولى من نوعها في النقد السينمائي العربي ...".

يقسم هاشم النحاس حياة صلاح أبو سيف الفنية إلى مراحل ثلاث: مرحلة اختبار أدواته التي اكتسبها من العمل في قسم المونتاج باستديو مصر، والتي تنوعت بين الدراما والحركة والكوميديا، ثم المرحلة الشعبية التي تجلت فيها غرام صلاح أبو سيف بالحارة الشعبية وتفاصيلها المكانية والإنسانية، والتي أنتج خلالها أحد أهم أفلامه على الإطلاق وهو الفتوة عن قصة نجيب محفوظ. ثم المرحلة البرجوازية التي بدأها بفيلم لا أنام واستمر بها حتى آخر أفلامه نظراً للنجاح الذي حققه لا أنام.

ويظل النحاس يعمل بمشرطه في أفلام صلاح أبو سيف كيف يستخرج لنا سمات أسلوبه الأخراجي التي جعلته أحد علامات السينما المصرية، فيكشف لنا عن استخدامه للتطابق والتقابل الشكلي في معظم أفلامه تقريباً، وهو أسلوب أخذه منه عدد من صانعي أفلام هذه الحقبة، وطريقته في تكوين الكادر واختيار زوايا التصوير. لكن أهم ما تميز به صلاح أبو سيف، حسب دراسة النحاس، هي قدرته على نقل تفاصيل الجو العام للحارة الشعبية، وقدرته على اجتذاب الجمهور  عن طريق توظيف الأغنية والرقص لتكون جزء لا يتجزأ من الحدث، أو كشفاً عن مكنون الشخصيات، وقدرته على تحريك المجاميع وخلق المعارك المثيرة.

يعد كتاب (دراسات تأسيسية في الثقافة السينمائية) نقطة إنطلاق إلى كيفية قراءة الأعمال السينمائية وكيفية فك رموزها وشفراتها الفنية. كما أنه يمثل قاعدة عريضة لكل من تتوق نفسه إلى اقتحام عالم الكتابة النقدية عن السينما، من خلاله يمكنه الإنطلاق إلى دراسة علم النفس والتكوين البصري وكيفية قراءة أساليب صانعي الأفلام على اختلافاتهم وتحليلها تحليلاً دقيقاً. كما أنه مرجع هام وشامل لكل متذوق مبحر في عوالم السينما وراغباً في الغوص في أعماقها

تقييم الموضوع

تعليقات Facebook


تعليقات البوابة الوثائقية