الخميس 25 أبريل 2024 م - 16 شوال 1445 هـ

محمد راضى .. صانع النجوم

الثلاثاء 24/أكتوبر/2017 - 12:02 م
The Pulpit Rock
نادر رفاعي
 

يُعدُ المخرج الراحل محمد راضى من أكثر المخرجين المهتمين بمناقشة القضايا الإجتماعية والسياسية المرتبطة بالمجتمع المصرى ، ويظهر ذلك بوضوح فى كثير من أعماله مثل (وراء الشمس، أمهات فى المنفى، موعد مع الرئيس)، وعلى مدار مشواره الفنى تعاون "محمد راضى" مع كثير من النجوم المصريين مثل (عادل إمام / الإنس والجن، حسين فهمى / الحجر الداير، فريد شوقى / الهروب من الخانكة)، كما قدم ثلاثة أفلام تنتمى إلى سينما الحرب (أبناء الصمت- العمر لحظة- حائط البطولات).

   ويتناول فيلم "أبناء الصمت" (إخراج : محمد راضى - 1974)، حياة مجموعة من الجنود المصريين فى فترة حرب الاستنزاف، إذ يشير الفيلم فى مشاهده الأولى إلى حالة الحزن المسيطرة على الجنود بسبب جرائم العدو الإسرائيلى، وهو ما يظهر فى حديث كل من "فاضل" (حمدى أحمد) و "مجدى" (نور الشريف) داخل مكتب القائد، وذلك على النحو التالى:

      مجدى : هنوصل بيوتنا ع الخبر فى الجرايد والراديو، ضرب معامل

             بترول الزيتية.

      فاضل : والله يا فندم الواحد مكسوف يروح لأهله، تلامذتى فى

              المدرسة أقولهم إيه؟ إننا واقفين ساكتين؟

      القائد : ماحنا لسة مدمرين لهم إيلات، أكبر مدمرة فى أسطولهم، مع إننا بنبنى م الأول فى جيشنا إللى خسرناه سنة سبعة وستين.

  ويقدم الفيلم عدداً من المعارك الحربية والاشتباكات بين الجيش المصرى والعدو الإسرائيلى، حيث يستشهد عدد من الجنود ومنهم "سمير" (محمد صبحى) . كما يشير الفيلم إلى استفادة القادة العسكريين من الأخطاء التى ترتكب فى بعض العمليات العسكرية، ويظهر ذلك عندما يخاطب القائد الجنود المصريين بقوله :    "إحنا اخترنا أنسب وقت لينا، ليلة مظلمة، القمر فيها هلال، مع تمهيد حاسم من مدفعيتنا، كل ده صح من الناحية النظرية، إنما عملياً ثبت إنه أكبر غلط لأنهم فى ظروف زى دى يبقوا متوقعين إننا نهجم، المرة دى هنختار الاحتمال البعيد جداً، الوقت الغير متوقع أبداً والأسلوب الغير مألوف عشان تبقى المفاجأة كاملة للعدو، هنعبر بدون تحضيرات سابقة للمدفعية، وفى ليلة غير مظلمة، ممكن والقمر بدر .. والعملية دى أنا بنفسى إللى هقودها".

  ويشير الفيلم عن طريق الحوار إلى رغبة الجنود فى الثأر من العدو الإسرائيلى، وذلك عندما يقوم الجندى "شلبى" (سيد زيان) بقنص أحد الجنود الإسرائيليين الذين يحاولون التسلسل ومراقبة الأراضى المصرية، وهو يعلق قائلاً " مكتوب له يموت جاى تعمل إيه .. ده لو دماغك قد السمسمة برضة هاقنصك"، كما يخاطب الجندى (أحمد زكى) زملاءه عن رغبته فى الانتقام لوطنه من الإسرائيليين.

ولا يكتفى الفيلم بتقديم النماذج الإيجابية من الجنود المصريين، بل أنه يقدم نموذجاً لشخصية الوطنى المتراجع، من خلال شخصية رئيس التحرير "راضى" (محمود مرسى) ، حيث يتم توظيف تقنية "الإسترجاع"  أثناء قيادة " راضى " لسيارته، وذلك من خلال لقطات سريعة، يظهر فيها وهو يقوم بتثبيت المنشورات الوطنية على جدران البنايات فى الشوارع العامة، كما تشير هذه اللقطات السريعة أيضاً إلى دخوله السجن عقاباً له ويؤكد هذا النوع من اللقطات الاسترجاعية على ما يشير الفيلم إليه من ماضى هذه الشخصية ، فى علاقتها بالكفاح الوطنى.

أما فيلم " العمر لحظة " (إخراج : محمد راضى ، 1978) فتدور أحداثه فترة حرب الاستنزاف فى مصر من خلال شخصية ضابط الجيش المصرى "محمود" (محمد خيرى) الذى يعيش مع طفلته " داليا" بعد وفاة زوجته ، ويتعرض للإصابة فى أحد العمليات الفدائية ضد العدو الاسرائيلى عام 1970، ليتعرف على الصحفية "نعمت" (ماجدة) المتزوجة من الصحفى الانتهازى " عبد القادر"  (أحمد مظهر) ويقع الضابط فى حبها. كما نطالع، بجانب علاقة الحب بين الصحفية "نعمت" والمقدم "محمود"، نوعاً من الرومانسية المتعلقة بالعلاقات الأسرية وهو ما يظهر من خلال علاقة الظابط بإبنته (داليا)، إذ أن السيناريو يدفع بشخصية الإبنة (الطفلة) كعامل مساعد لنمو قصة الحب بين الضابط والصحفية.

  وإذا كان الفيلم يقدم البطلة باعتبارها إمرأة متزوجة، فإنه يضفى على شخصية الزوج "عبد القادر" عدداً من الصفات السلبية، حتى يتعاطف المتلقى مع علاقة الحبيبين، فهو يخون زوجته مع الممثلة "زينات" (نبيلة عبيد) .

  كما يقدم فيلم "العمر لحظة" قصة حب أخرى على مستوى إجتماعى مختلف، متمثلة فى العلاقة بين الجندى "عبد العزيز" (أحمد زكى) والفتاة التى يحبها              "سعدية" (ناهد شريف) ويستعد لإتمام زواجه منها، وذلك بعد حملها سفاحاً، غير أن الفيلم يصل بعلاقات الحب هذه إلى نهايات مأساوية ليس بسبب شوائب تشوب هذه العلاقات وإنما بسبب استشهاد أطرافها من رجال القوات المسلحة (الضابط ـ الجندى) فى المعارك الحربية، ويتأكد الطابع الرومانسى باستسلام البطلة (الصحفية) لواقع فقدها للرجل الذى تحبه، بينما هى فى الوقت ذاته، تعتبر هذه المأساة بداية لطريق الأمل فى الحياة كلها، وذلك بعد الانتصار المصرى فى حرب أكتوبر 1973.

وعلى النقيض من الأعمال السابقة، جاء فيلمه الأخير "حائط البطولات" ضعيفاً على مستوى الصنعة، إذ تم الاعتماد على اللقطات الأرشيفية ضعيفة الجودة كبديل عن مشاهد المعارك الحربية، وتأثر سيناريو الفيلم بالتدخلات الرقابية التى أسفرت عن حذف شخصية زوجة القائد العسكرى من الفيلم (قامت بالدور الفنانة/ رغدة)، لتظهر شخصية القائد العسكرى (محمود ياسين) داخل العمل بصورة مشوهه، فيتم تقديمه دون الإشارة إلى إسمه ورتبته العسكرية، كما أعتمد أداء معظم الممثلين على عنصر المبالغة مثل شريف عبد المنعم فى دور شارون وعايدة عبد العزيز فى دور جولدا مائير وغسان مطر فى دور موشى ديان.

وقد تم تكريم المخرج محمد راضى فى عدد من المهرجانات المصرية، وأصدر المهرجان القومى للسينما المصرية كتاباً عنه بعنوان (محمد راضى / فارس من زمن الصمت– تأليف/ محمود على)، كما قام الناقد السينمائى "محمد عبد الفتاح" بإعداد كتاب عن المخرج الراحل بعنوان (عن سينما محمد راضى)، بمناسبة تكريمة بمهرجان الأسكندرية السينمائى الدولى عام 2016.

تقييم الموضوع

تعليقات Facebook


تعليقات البوابة الوثائقية