"بوابة بترا" .. مغامرة فنية كاملة الأركان
تعيش السينما المصرية حاليا حالة يصعب توصيفها بدقة أو إطلاق مسمى واحد على
نوعية أفلامها المقدمة في الفترة الأخيرة، فدائما ما وسمت فترات بعينها بطابع عام
لغالبية النوعية المقدمة على الشاشة الكبيرة، ففي حقبة الستينات كانت الأفلام
السياسية ذات الافكار الاشتراكية هي السائدة، تلاها حقبة أفلام المقاولات ثم سينما
المخدرات ليعقبها افلام تيار الواقعية ثم سيطرت الصبغة الكوميدية لتستمر بجوار
نوعية الفيلم الشعبي إن جاز التعبير. ويبدو أن الفترة القادمة ستشهد بزوغ توصيف جديد
لم يتحدد ملامحه بعد ولكن من خلال رصد الموسم السينمائي الأخير نلحظ بوضوح نوعيات
مختلفة يصعب درجها تحت تيمة معينة بحد ذاتها ففيلم مولانا يختلف تماما عن بشتري
راجل وكذلك عن فيلم أخلاق العبيد، ولكن يمكن اعتبار "القرد بيتكلم"
منتميا من حيث نوعيته لذات نوعية فيلم "بنك الحظ" الكوميدي لايت.
بعرض فيلم "بوابة بترا" للمنتجة مي مسحال، بعد غياب قارب العشر
سنوات منذ آخر أفلامها "أحلام الفتى
الطائش"، تظهر حالة المخاض السينمائي جلية فنحن بصدد فيلم يختلف كثيرا ليس
فقط عن المطروح حاليا، ولكنه أيضا يسبح
منفرداً في مساحة ومسرح جديد للأحداث لم تطأها من قبل كاميرات السينما المصرية،
حيث تدور قصة الفيلم حول فريق من مجموعة من الباحثين حول حقيقة "بوابة الزمن"
الموجودة في مدينة البتراء الأثرية والتي تسببت منذ فترة قصيرة في اختفاء عدد من
علماء الأثار، وبالفعل تبدأ الرحلة بهؤلاء الشباب منطلقين إلى تلك المنطقة الفريدة
أثرياً الضاربة في عمق الحضارة حيث شيدها الأنباط في جنوب المملكة الأردنية الهاشمية
والتي تشتهر بعمارتها المنحوتة بالصخور، وتم اختيارها كواحدة من عجائب الدنيا
السبعة في عام 2007.
ورغم غياب مخرج
الفيلم "عثمان ابو لبن" أيضا عن السينما منذ اخر افلامه
"المركب"، إلا أن لياقة مفرداته السينمائية كانت حاضرة وبقوة منذ اختيار
مجموعة الوجوه الشابة للقيام ببطولة العمل دون أسماء معروفة فنياً من بينهم محمد جمال، كريم محجوب، ميرنا نور الدين،
زياد يوسف، نور أبوسنينة، أحمد صلاح الدين ورغم حداثة تجاربهم التمثيلية إلا أنهم
تمكنوا من أداء أدوارهم بصورة تليق بطبيعة كل شخصية منهم حيث تعتمد تلك النوعية من أفلام المغامرات،
على الوجوه الجديدة في الأساس. كما قدم الفيلم أغنية "أى عصر" كأغنية دعائية لفيلم
"بترا" وغنتها الفنانة سميرة سعيد وأضافت كثيرا للفيلم لأنها تحمل مضمون
الفيلم ضمن كلماتها، لينتهي الفيلم بلافتة تعد المتلقي بإستكمال أحداث الفيلم بعد
عبور بطلي الفيلم بوابة الزمن إلى عصر ما قبل التاريخ في إشارة واضحة الى وجود جزء
ثاني من الفيلم الذي يبقى مغامرة غير معلومة العواقب حتى الأن ولكنه بالتأكيد
نوعية جديدة تضاف إلى قائمة تلك الأعمال التي تحمل تيمات فنية مغايرة للسائد.