الجمعة 19 أبريل 2024 م - 10 شوال 1445 هـ

"بشتري راجل" ...هل تفتح السينما بابها للفيلم الاجتماعي؟

الخميس 23/فبراير/2017 - 02:01 م
The Pulpit Rock
دعاء حلمي
 

استحدثت "بيرث مارك" الشركة المنتجة لفيلم "بشتري راجل"  شكل جديد في الدعاية لفيلمها الأول عن طريق استخدام السوشيال ميديا وتحديدا "فيس بوك" بشكل مبتكر حيث تم تصوير فيديو لفتاة تدعى شريهان نور الدين روجت فيه عن رغبتها في الانجاب واستقبال طلبات لمتبرعين بحيوانات منوية لإجراء عملية تلقيح صناعي دون اللجوء للزواج التقليدي  وبالفعل بدأ الفيديو في الانتشار السريع على مواقع التواصل الاجتماعي محققا نسب مشاهدة عالية على مدار ثلاثة أيام  في ردود أفعال واسعة طرحت القضية على مستوى النقاش المجتمعي ليظهر بعدها فريق عمل فيلم بشتري راجل من خلال برنامج هنا العاصمة مع الاعلامية لميس الحديدي لإعلان أن ذلك الفيديو لم يكن سوى وسيلة دعائية لفيلمهم الجديد الذي تلعب بطولة الفنانة نيلي كريم في أول بطولاتها المطلقة لتلك النوعية من الأدوار اللايت كوميدي بعد عدد من أدوار البطولة المشتركة لأفلام سينمائية ذات طابع اجتماعي او سياسي جاد كان أخرها "اشتباك " ويوم للستات وبعد عدد من البطولات الدرامية من خلال شاشة التلفزيون لأدوار لعبت المنطقة النفسية عاملا مشتركا في أغلبها جعلها في حالة ماسة لتقديم منطقة لم تطرقها من قبل ولذلك ساهمت بأجرها كاملا عند تصديها لبطولة "بشتري راجل" وهو ما فعله أيضا المخرج محمد علي للعودة للسينما مرة أخرى بعد غياب سنوات منذ أخر افلامه "الأولة في الغرام"  حيث قدم فيما بعد عدد من المسلسلات التلفزيونية الناجحة   ليأتي " بشتري راجل " بمثابة فرصة حقيقية للتغيير لكل منهما ولكن هل ستنجح نيلي كريم في تغيير الصورة الذهنية التي صاحبتها خلال الفترة السابقة في تخصصها في الأدوار النفسية المركبة الجادة أم سيظل الفيلم حالة استثنائية منها .

يبدأ الفيلم باستعراض حياة البطلة "شمس"  نيلي كريم التي تعمل مديرة حسابات ناجحة بإحدى الشركات تقرر اللجوء لفكرة الحمل بالتلقيح الصناعي  بمقابل مادي كبير لمن يقع عليه الاختيار شريطة عدم ارتباطه بأي علاقة أخرى خلال فترة التجربة وتأتي هذه الفكرة كنتيجة للالحاح الدائم من والدتها "ليلى عز العرب" للزواج لأنها قاربت سن الاربعين وفرصتها في الانجاب تتناقص ولرفض البطلة لفكرة الزواج التقليدي وهو ما تم طرحه دون وجود مبرر درامي قوي لسبب هذا الرفض سوى بعض اللقطات عن رفضها لفكرة تحكم الرجل في المرأة وهو ما ظهر من خلال لقطات "الأفان تتر" وبالفعل تستقبل طلبات من رجال مستعدون لخوض تلك التجربة للحصول على المقابل المادي ولكن يقع الاختيار اخيرا على بهجت "محمد ممدوح" الدكتور البيطري صاحب مزرعة يربي بها العجول ولكنه يمر بضائقة مادية تجعله يلجأ لتلك الحيلة  ويتزوجان بالفعل زواجا صوريا لإرضاء أمها والشكل الاجتماعي دون وجود علاقة زوجية طبقا للاتفاق وتمضي الأحداث حتى يجمعهما الحب ويتحول الزواج من مجرد اتفاق مادي بحت  رغم فشل عملية التلقيح الصناعي لأكثر من مرة الى زواج حقيقي وهي التيمة التي تكررت كثيرا في عدد كبير من الافلام الامريكية والمصرية أيضا ففكرة الزواج الصوري الذي يتحول الى علاقة زوجية حقيقية ظهرت كثيرا في أفلام مثل "ليلة الزفاف" لأحمد مظهر وسعاد حسني ، وكذلك فيلم "انت حبيبي" لشادية وفريد الأطرش ومن اخراج يوسف شاهين وصولا لفيلم "غش الزوجية" لرامز جلال وايمي سمير غانم فهي تيمة مكررة ظهرت بتنويعات مختلفة ولكن تبقى فكرة الفيلم الأساسية هي المحور الجديد للفيلم رغم "حرقها" من قبل الفيديو الدعائي على السوشيال ميديا لأن جميع الأحداث المتعاقبة لفكرة اعلان فتاة للحمل بطريقة صناعية دون زواج يجعل جميع المشاهد المتتالية متوقعه لدى المتفرج جعل الملل يتسرب في عدد من المشاهد خاصة في منتصف الفيلم بسبب اعتماد المخرج على الكادرات الضيقة والمشاهد الحوارية الطويلة بالاضافة الى المونتاج الذي ظهر كثيرا دون وجود مهمة ابداعية خاصة له مفرداته لضبط الايقاع الخاص بالفيلم وبالتالي جاء الفيلم السينمائي أقرب للسهرة التلفزيونية بسبب الاعتماد على الجمل الحوارية بإسهاب دون التفكير في أحداث أكثر تناغما مع فكرة الوسيط السينمائي ولكنها تظل تجربة سينمائية جديدة عن النمط السائد في نوعية الأفلام المقدمة طوال السنوات الأخيرة في ظل سيطرة الفيلم الأكشن أو الفيلم الكوميدي ليمثل "بشتري راجل" و"مولانا " تيمات سينمائية عكس التيار المسيطر وهي نقطة القوة لكليهما. ويأتي التمثيل والحس الفكاهي لبعض الشخصيات من أفضل العناصر بالفيلم ويمثل نقلة نوعية في أعمال الفنانة نيلي كريم فتظهر جادة الشخصية في النصف الأول من الفيلم ولكن بعد وقوعها في حب بهجت تتحول الشخصية الى افاق اكثر رشاقة وسلاسة وخفة ظل وكذلك أداء محمد ممدوح في دور البطولة لأول مرة ولكن يعيبه كثيرا سرعة الكلام دون تمييز للمتلقي بما يقول .

ويحسب للفيلم أنه مغامرة انتاجية لتقديم فيلم اجتماعي بعيدا عن التيمات السائدة من أكشن وكوميدي قد يفتح الباب لمثل تلك النوعية بعيدا عن المألوف وهو ما ظهر واضحا في افلام منتصف العام بوجود فيلمين مثل "مولانا "و"القرد بيتكلم " تجعل هناك احتمالية فتح السوق السينمائي ليشمل انواع مختلفة من السينما أمرا أكثر توقعا وتحديدا تيمة الفيلم الاجتماعي بفيلم "بشتري راجل" الذي قد يفسح المجال لتنويعات اجتماعية اخرى قد تظهر مستقبلا على الشاشة الكبيرة بعد غياب . 

تقييم الموضوع

تعليقات Facebook


تعليقات البوابة الوثائقية