فيلم بابارتزاي .. توليفة سينمائية غير ممتزجة
عرض أمس الأحد فيلم بابارتزاي (للحب قصة) ضمن
فعاليات المهرجان القومي للسينما المصرية، والمشارك في المسابقة الرسمية للأفلام
الطويلة، التي تقوم بتقييم الأفلام المصرية التي أنتجت وعرضت في العام الماضي.
يسجل الفيلم عودة مخرجه سعد هنداوي إلى
السينما بعد انقطاع دام لما يقرب ست سنوات، تفرغ خلالها لإخراج الدراما
التلفزيونية، وهو ثان تعاون له مع السينارست أحمد عبد الفتاح بعد فيلم حالة حب
إنتاج 2004، أول أفلام المغني تامر حسني وأفضلها على الإطلاق.
وعلى درب أفلام مثل سلسلة عمر وسلمى وكابتن
هيما ونور عيني التي كتبها أحمد عبد الفتاح، يسير فيلم بابارتزاي (للحب قصة)،
والذي يبدو أنه قد كتب خصيصاً للمطرب رامي عياش ليدخل عالم التمثيل بمزيج من عناصر
متنافرة تجمع بين كلاشيهات قديمة عن قصة حب، وغيرة وخيانة الأصدقاء، ومحاولة إضفاء
طابع سياسي على مجرى الأحداث، وحشر شخصية الصحفية البابارتزاي التي تلاحق المطرب
أينما ذهب، ربما لإعطاء مبرر لأسم الفيلم، ونهاية سعيدة على غرار وعاشوا في تبات
ونبات وخلفوا صبيان وبنات.
يبدأ الفيلم بمكالمة فيديو رومانسية بين رامي عياش الذي يظهر بنفس مهنته وجنسيته
اللبنانية في الفيلم، في تكرار قديم للأفلام الكثيرة التي صنعت من أجل مطربين، ومحبوبته
(إيمان العاصي)، ينتهي بخطفها أمامه على الشاشة، وهو مشهد كان يمكنه أن يؤسس لفيلم
تشويق تتسارع أحداثه وتتسارع معها أنفاس المشاهدين لولا الأحداث غير المبررة التي
أعقبته. بعد قليل نتبين أن الخطف ما هو إلا محاولة من خطيب الفتاة لاجتذاب المطرب
اللبناني إلى القاهرة ومحاولة التخلص منه لأن خطيبته تحبه، في حين أنه كان يمكن أن
يرسل له من يقتله أو يتسبب له في فضيحة في بلده بدلاً من التحايل لنقل مسرح
الأحداث إلى القاهرة. ولكي يظهر هذا الخطيب في أسوأ صورة، جعله السينارست منتمياً
لتيار الإسلام السياسي، والذي نفهم منه أن الفيلم يدور في زمن سيطرة التيار الديني
على الحكم. يسيطر الخطيب بدوره على والد الفتاة، رجل الأعمال الكبير الذي يطمح إلى
دخول السلطة من بوابة هذا التيار، فيمتثل لكل ما يفعله به وبأعماله وبإبنته.
ورغم فك أسر الفتاة بعد اكتشافها للعبة،
وتجولها في الشوارع والنوادي بحرية ومحاولاتها الناجحة في الهرب من حرس خطيبها إلا
أنها، ويالا العجب، لا يمكنها أن تتواصل مع حبيبها لتخبره بحقيقة الأمر لأنهم قد
صادروا منها هاتفها المحمول وقطعوا عنها الإنترنت إلا من خلال صديقتها لتخبره
بحقيقة الأمر حتى يعود أدراجه إلى بلده.
وحتى لا يغفل السينارست أي من عناصر اللعبة
القديمة لإيصال الفيلم إلى ذروته من أجل رفع ضغط دم المتفرج إلى أقصاه أستخدم خيانة
الأصدقاء للإيقاع بالحبيب في شر أعماله، فصديقة البطلة الفقيرة المحجبة بنت مربية
البطلة (الدادة) تنظر إلى صديقتها الغنية الجميلة التي تملك المال وعشق رجل مشهور
نظرة حسد وغيرة، وهي نقطة الضعف التي يدخل منها الخطيب إلى الصديقة ويقنعها أن
تشارك في خطة للإيقاع بالمطرب العاشق وتوريطه في قضية اغتصاب يمكنه من خلالها أن
يساومه على براءته مقابل ترك الحبيبة والابتعاد عنها. ورغم نمطية شخصية الصديقة
إلا إنها تملك مبرراتها على خلاف صديق ومدير أعمال المطرب الذي لم ينسى السينارست التغرير
به أيضاً ليشارك في هذه الخطة دون أي مبرر يذكر سوى غيرته التي طفحت فجأة على سطح
الأحداث رغم عدم وجود مؤشرات لها من البداية.
في خط مواز للأحداث السابقة نتابع أيضاً شخصية
البابارتزاي، وهو مسمى أجنبي يطلق على الصحفيين الذي يتلصصون على حياة المشاهير
الخاصة، أو بمعنى أدق يتصيدون فضائحهم، وهي شخصية زائدة عن الحاجة ووجودها من عدمه
غير مؤثر في تتابع الأحداث، وإسهامها في تعقد المشكلة بين الحبيبين بنشر قصتهما،
ومحاولتها إصلاح المشكلة التي تسببت بها عن طريق جذب يد الحبيبة ومساعدتها على
الهرب يوم زفافها أمام المعازيم ووالدها والخطيب وحرسه، والإفلات من كل هذا بمنتهى
السهولة لتلحق بالمطرب العاشق، ما هي إلا محاولات للي عنق الأحداث حتى تفسح مجالاً
لهذه الشخصية لتؤدي دوراً يمكن حذفه دون أن يكون مأسوفاً عليه. وربما قام
السينارست بإضافته لإعجابه بوقع الإسم على مسامعه واستخدامه ليكون عنواناً للفيلم.
هذا الخليط غير الممتزج بين قصة حب رومانسية
تقليدية، والمحاولة العبثية لإيجاد بعد سياسي للفيلم وإقحام أحداث وشخصيات زائدة
عن الحاجة، فضلاً عن حشر أغاني رامي عياش بين المشاهد بمناسبة أو بدون، أدت إلى إنتاج
فيلم ضعيف ومفكك كان من الممكن أن يكون شهادة ميلاد سينمائية لمطرب يملتك مقومات فنية
جيدة في التمثيل.