الخميس 25 أبريل 2024 م - 16 شوال 1445 هـ

قبل زحمة الصيف .. قطعة فنية ساحرة

الخميس 21/أبريل/2016 - 01:14 م
The Pulpit Rock
أروى تاج الدين
 

بعيداً عن الصراعات والأفلام الممتلئة بالمآسي الإنسانية والأحداث السياسية والخيانات يقدم محمد خان فيلمه قبل زحمة الصيف دون عقدة درامية أو حكاية، يستعرض من خلالها شخصيات مركبة بطريقة السهل الممتنع، ورغم عدم وجود حبكة تبنى عليها أحداث الفيلم إلا أنه يمكنك أن تستمتع بكل تفصيلة فيه دون أن تشعر برتابة أو ملل.

تدور أحداث الفيلم حول خمس شخصيات في قرية سياحية بالساحل الشمالي قبل بدء موسم الصيف وازدحام الشاطئ بالهاربين من حرارة المدينة. شخصيات الفيلم أيضاً هاربون من المدينة ولكن لأسباب أخرى، فالدكتور يحي (ماجد الكدواني) رجل خمسيني طبيب وأستاذ جامعي يمتلك مستشفى استثماري وجاء إلى الساحل مع زوجته هرباً من قضية إهمال تسبب بها مستشفاه، خفيف الظل عاشق للطعام وللنساء لكن لا يخون زوجته، ويبدي اهتمامه بهن تحت سمعها وبصرها. وزوجته الدكتورة ماجدة (لانا مشتاق) امرأة بدينة رافضة لسلوكيات زوجها سواء في العمل أو تجاه النساء، ترقبه دائماً في صمت وصبر ونافذ وتحاول بعث بعض السلام في نفسها عن طريق ممارسة اليوجا. وهناك هالة سري (هنا شيحة) مطلقة ثرية جميلة ممتلئة الأنوثة تعمل مترجمة وجاءت إلى القرية مبتعدة عن أهلها وأولادها بحجة العمل،  لكنها تحاول لقاء عشيقها الممثل غير المشهور (هاني المتناوي) الأربعيني الذي يفتقد إلى الوسامة والجاذبية ويحاول تعويض فشله بعمل علاقات مع نساء ثريات مثل هالة أو المنتجة السينمائية التي تكتشف هالة علاقته بها حتى يستطيع الوصول إلى البطولة. وأخيراً جمعة أحد عمال القرية والذي لم يأتي إليها هرباً من شيء ولكن وجوده بها مؤقتاً حتى عودة أخيه المتزوج حديثاً من إجازته.

ربما عاب البعض على شخصيات الفيلم أنها سطحية تفتقر إلى العمق، لكن الشخصيات التي رسمتها السيناريست غادة شهبندر في أول تجربة لها  مع السينما واضحة بم يكفى لتشي بطبيعتها ومشاكلها ورغباتها ومتسقة مع فكرة الفيلم التي تستعرض حالات إنسانية دون الغوص في أعماقها وعمل دراسة نفسية وتاريخية لها، ومتسقة أيضاً مع طبيعة المكان الهادئة الخالية إلا من وجودهم، وافسحت قلة التفاصيل المساحة الكافية لتأمل الشخصيات واستكشافها بأنفسنا دون اللهاث خلف الأحداث المتصارعة أو تقبل المعلومات المقدمة إلينا دون تفكير.

 يعد دور الدكتور يحي الذي قدمه ماجد الكدواني من الأدوار القليلة الجادة التي تحسب في تاريخه الفني، فاستطاع بسلاسة واضحه أن يبرز تناقد الشخصية بين حبه لزوجته البدينة وعشقة للنساء الجميلات المثيرات ومغازلته لهن، والانتقال بين قلقه بعد قراءة عناوين الصحف التي تتناول أمر قضيته وبين خفة ظله في التعامل مع جمعة أو هالة، وبرع أيضاً أحمد داوود في تقديم دور جمعة الشاب الصعيدي الساذج الذي يسيل لعابه لمرأى هالة المرأة المثيرة بالمايوه ويقع في غرام جمالها، ورغم ارتداء هنا شيحة المايوه والملابس التي تكشف عن أنوثتها لكنها لم تتصنع الإغراء في أدائها وكانت تتعامل بطبيعة سيدة من طبقة راقية هذه الأشياء عادية بالنسبة لمن هم في طبقتها، وهي ليست امرأة لعوب فهي تحاول الحفاظ على علاقتها المتوترة بالرجل الذي تحبه ومع ذلك تسعد كأي امرأة بمغازلة وإعجاب الدكتور يحي بها وغيرة زوجته منها.

أبدع فيكتور كريدي في إبراز جمال وسحر الطبيعة الخلابة بلقطات كبيرة واسعة وبانوراميه أحياناً وصورة عبارة عن لوحات تشكيلية، وساهم مونتاج دينا فاروق الناعم الخالي من التكلف بالاستمتاع بالانتقال بين مشاهد البحر والشاطئ وجمال الخضرة في حدائق الفلل،  كما عبرت موسيقى ليال وطفة عن الأحداث والشخصيات برشاقة وهدوء تتسق وجميع معطيات الفيلم.  قطعة محمد خان الفنية الساحرة تجعلك تستمتع بفن السينما قبل هجمة موسم أفلام الصيف والتي يملأها الإسفاف والعنف والبلطجة.

 

تقييم الموضوع

تعليقات Facebook


تعليقات البوابة الوثائقية