"الفتاة الدنماركية".. رحلة للبحث عن هوية
الثلاثاء 26/يناير/2016 - 03:28 م
أروى تاج الدين – هدى عمران
"دعها تحلّق يا هانس" تقولها "جيردا فاجنر" لصديق زوجها، حتى يترك كوفية "لي لي" تحلّق مع الريح في سماء" فيلّا" حيث انتمت "لي لي" أو "أينار" بروحها طوال رحلتها القصيرة في الحياة.
"لي لي" أو "أينار فاجنر" والذي يلعب دوره الممثل الواعد "إيدي ريدماين" والمرشح للأوسكار هذا العام عن دوره في فيلمنا "the Danish girl"، يشخص قصة الفنان الدنماركي "أينار فاجنر" الذي أجرى أول عملية تحول جنسي في التاريخ، والتي للأسف باءت بالفشل وانتهت بوفاته.
حينما تشاهد "ريدماين" في فيلم "الفتاة الدنماركية" لا يمكنك أن ترتاب للحظة في أنك تشاهد رجلا تتنازعه مشاعر الأنثى الكامنة في داخله، المختبئة خلف جسده الذكوري، وليس ممثلاً يؤدي هذا الدور، فقد استطاع الممثل بتقمصه للشخصية وأدائه العفوي لدور الأنثى، أن يصحبنا معه في رحلة البحث عن هويته في هذا العالم، ويجعلنا نتفاعل مع صراعه الداخلي لاكتشاف نفسه.
"ريدماين" البالغ من العمر 33 عامًا، استحق عن جدارة الترشح لجائز الأوسكار، حتى وإن لم يفز بها، إذ يكفيه فخرًا قدرته على انتقاء الأدوار التي تظهر ملكاته كممثل يمتلك أدواته وقادر على أداء الأدوار الصعبة والمركبة، التي وضعته في مصاف النجوم الكبار.
و"الفتاة الدنماركية" من إخراج صاحب الأوسكار عن فيلم "خطاب الملك، توم هوبر، والفيلم مأخوذ عن رواية "ديفيد إبرشوف" التي تحمل نفس الاسم، والتي نشرت عام 2000 ونالت عددًا من الجوائز، وهي مستوحاة من قصة حياة شخصية حقيقة هي "لي لي ألبو" صاحبة عملية التحويل الجنسي الشهيرة.
يبدأ الفيلم بلقطات للطبيعة الخلابة بإحدى قرى الدنمارك، والتي نجدها بعد ذلك تتجسد في لوحات "أينار فاجنر" الفنان التشكيلي الذي نال بسببها شهرة واسعة في الدنمارك في عشرينات القرن الماضي، وفي أثناء حديث له مع زوجته بشأن تكرار رسمه لهذه المناظر، نكتشف أنها من بلدته التي ولد ونشأ بها، والتي يحمل لها ذكريات خاصه مع صديقة هانس، أو أول شخص شعر معه بمشاعر الأنثى الكامنة بداخله، والتي أصبحت تصارع الآن بكل قوتها من أجل الخروج إلى العالم.
تتفجر أزمة "أينار" حينما يجاري زوجته في لعبتها، ويرتدي ملابس نسائية ويذهب بصحبتها إلى إحدى الحفلات على أنه "لي لي"، ثم يقبله أحد الرجال في الحفل، بعدها لا يتمكن "أينار" من كبح جماح "لي لي"، التي بدأت في سيطرتها عليه، ما أفقده قدرته على الرسم أو ممارسة الجنس مع زوجته.
ومن المعروف أن عمليات التحول الجنسي، تتم بسبب اختلال شكل الهوية الجنسية لدى فردٍ ما، أو لتصوره المختلف عن الهوية التي فرضها عليه المجتمع، وتُعرّف الدراسات السيكولوجية "الهوية الشخصية" بأنها "المسافة التي يقطعها الفرد بين محاولة التميز عن الآخرين واضطراره إلى التطابق معهم"، وأنها "جهد دائم لتوحيد آليات الذات، وانسجامها الداخلي، تبطل ضرورات القوالب الثقافة التي يعيشها الفرد والمجتمع الذي نشأ فيه، وذلك الإبطال نفسه هو الذي يدفعه لتحديد تميزه ورسم حدود هويته الشخصية".
وتلعب المجتمعات طوال الوقت وعلى مر التاريخ، دورًا أساسيًا في قهر الهويات الفردية وتفتيت الذات الإنسانية، لصالح هوية جماعية يتماهى فيها الفرد، ويخضع فيها لسلطة الجماعة.
من هنا تبدأ "لي لي" صراعًا كبيرًا مع نفسها ومع مجتمع القرن الـ20 الذي يرى أنها رجل مجنون لا بد من حبسه داخل مصحة، هذا الصراع الذي يلعب فيه المجتمع دور القاهر من خلال سلطته لتطويع هوية الفرد لهويته الجماعية، فلا بد لـ"لي لي" من أن تنصاع لتصور المجتمع عنها كرجل، وأن تتخلى عن هويتها الفردية التي ترى كونها امرأة لا رجلا، وإلا فسيتم حبسها وقمعها، فتضطر إلى الهروب والتخفي طوال الوقت.
تتجلي عبقرية "توم هوبر" مخرج العمل، في قدرته على إخراج المشاعر التي تضطرم في أعماق الشخصية الرئيسية، التي جسدها "ريدماين"، للمشاهد العادي، فلا تستطيع إلا أن تحبس أنفاسك وأنت تشاهد "أينار" لحظة تأمله لجسده الذكوري عاريًا أمام المرآة، فتشعر معه بالارتباك وتتساءل: هل هو "لي لي" أم "أينار"؟ رجل أم امرأة؟
يظهر ذلك أيضًا، حينما يذهب إلى أحد بيوت الدعارة في باريس، ويشاهد فتاة ليل ويقوم بمحاكتها وهي تؤدي حركاتها المثيرة، كأن الفتاة ما هي إلا مرآة تنعكس فيها الأنثى "لي لي" التي تسكن جسده، بانفعالاتها ومشاعرها ورغبتها المتفجرة في إظهار كينونتها إلى العالم.
"لي لي" أو "أينار فاجنر" والذي يلعب دوره الممثل الواعد "إيدي ريدماين" والمرشح للأوسكار هذا العام عن دوره في فيلمنا "the Danish girl"، يشخص قصة الفنان الدنماركي "أينار فاجنر" الذي أجرى أول عملية تحول جنسي في التاريخ، والتي للأسف باءت بالفشل وانتهت بوفاته.
حينما تشاهد "ريدماين" في فيلم "الفتاة الدنماركية" لا يمكنك أن ترتاب للحظة في أنك تشاهد رجلا تتنازعه مشاعر الأنثى الكامنة في داخله، المختبئة خلف جسده الذكوري، وليس ممثلاً يؤدي هذا الدور، فقد استطاع الممثل بتقمصه للشخصية وأدائه العفوي لدور الأنثى، أن يصحبنا معه في رحلة البحث عن هويته في هذا العالم، ويجعلنا نتفاعل مع صراعه الداخلي لاكتشاف نفسه.
"ريدماين" البالغ من العمر 33 عامًا، استحق عن جدارة الترشح لجائز الأوسكار، حتى وإن لم يفز بها، إذ يكفيه فخرًا قدرته على انتقاء الأدوار التي تظهر ملكاته كممثل يمتلك أدواته وقادر على أداء الأدوار الصعبة والمركبة، التي وضعته في مصاف النجوم الكبار.
و"الفتاة الدنماركية" من إخراج صاحب الأوسكار عن فيلم "خطاب الملك، توم هوبر، والفيلم مأخوذ عن رواية "ديفيد إبرشوف" التي تحمل نفس الاسم، والتي نشرت عام 2000 ونالت عددًا من الجوائز، وهي مستوحاة من قصة حياة شخصية حقيقة هي "لي لي ألبو" صاحبة عملية التحويل الجنسي الشهيرة.
يبدأ الفيلم بلقطات للطبيعة الخلابة بإحدى قرى الدنمارك، والتي نجدها بعد ذلك تتجسد في لوحات "أينار فاجنر" الفنان التشكيلي الذي نال بسببها شهرة واسعة في الدنمارك في عشرينات القرن الماضي، وفي أثناء حديث له مع زوجته بشأن تكرار رسمه لهذه المناظر، نكتشف أنها من بلدته التي ولد ونشأ بها، والتي يحمل لها ذكريات خاصه مع صديقة هانس، أو أول شخص شعر معه بمشاعر الأنثى الكامنة بداخله، والتي أصبحت تصارع الآن بكل قوتها من أجل الخروج إلى العالم.
تتفجر أزمة "أينار" حينما يجاري زوجته في لعبتها، ويرتدي ملابس نسائية ويذهب بصحبتها إلى إحدى الحفلات على أنه "لي لي"، ثم يقبله أحد الرجال في الحفل، بعدها لا يتمكن "أينار" من كبح جماح "لي لي"، التي بدأت في سيطرتها عليه، ما أفقده قدرته على الرسم أو ممارسة الجنس مع زوجته.
ومن المعروف أن عمليات التحول الجنسي، تتم بسبب اختلال شكل الهوية الجنسية لدى فردٍ ما، أو لتصوره المختلف عن الهوية التي فرضها عليه المجتمع، وتُعرّف الدراسات السيكولوجية "الهوية الشخصية" بأنها "المسافة التي يقطعها الفرد بين محاولة التميز عن الآخرين واضطراره إلى التطابق معهم"، وأنها "جهد دائم لتوحيد آليات الذات، وانسجامها الداخلي، تبطل ضرورات القوالب الثقافة التي يعيشها الفرد والمجتمع الذي نشأ فيه، وذلك الإبطال نفسه هو الذي يدفعه لتحديد تميزه ورسم حدود هويته الشخصية".
وتلعب المجتمعات طوال الوقت وعلى مر التاريخ، دورًا أساسيًا في قهر الهويات الفردية وتفتيت الذات الإنسانية، لصالح هوية جماعية يتماهى فيها الفرد، ويخضع فيها لسلطة الجماعة.
من هنا تبدأ "لي لي" صراعًا كبيرًا مع نفسها ومع مجتمع القرن الـ20 الذي يرى أنها رجل مجنون لا بد من حبسه داخل مصحة، هذا الصراع الذي يلعب فيه المجتمع دور القاهر من خلال سلطته لتطويع هوية الفرد لهويته الجماعية، فلا بد لـ"لي لي" من أن تنصاع لتصور المجتمع عنها كرجل، وأن تتخلى عن هويتها الفردية التي ترى كونها امرأة لا رجلا، وإلا فسيتم حبسها وقمعها، فتضطر إلى الهروب والتخفي طوال الوقت.
تتجلي عبقرية "توم هوبر" مخرج العمل، في قدرته على إخراج المشاعر التي تضطرم في أعماق الشخصية الرئيسية، التي جسدها "ريدماين"، للمشاهد العادي، فلا تستطيع إلا أن تحبس أنفاسك وأنت تشاهد "أينار" لحظة تأمله لجسده الذكوري عاريًا أمام المرآة، فتشعر معه بالارتباك وتتساءل: هل هو "لي لي" أم "أينار"؟ رجل أم امرأة؟
يظهر ذلك أيضًا، حينما يذهب إلى أحد بيوت الدعارة في باريس، ويشاهد فتاة ليل ويقوم بمحاكتها وهي تؤدي حركاتها المثيرة، كأن الفتاة ما هي إلا مرآة تنعكس فيها الأنثى "لي لي" التي تسكن جسده، بانفعالاتها ومشاعرها ورغبتها المتفجرة في إظهار كينونتها إلى العالم.