6 دروس عليك أن تتعلمها لتصنع فيلم مثل (المحرقة)
يحتفل المخرج الفرنسي (كلود لانزمان) هذا
العام بمرور 30 عام على صدور فيلمه الوثائقي (المحرقة) الذي يعد أهم فيلم صنع عن
الهولوكوست وأعظم فيلم وثائقي على الإطلاق.
استغرق المخرج الفرنسي المستقل 12 عام في
تصوير ملحمته ذات التسع ساعات ونصف، بدءً من عام 1973 وحتى 1985، أثناء ذلك قام
(لانزمان) وفريقه بجمع أكثر من 225 ساعة من المواد المصورة ، وأحياناً كان يحيق
بهم أخطاراً مهولة أثناء الحصول عليها. وقد وضع الفيلم حجر الأثاث لأسلوب جديد متحاشياً
اللقطات الأرشيفية التقليدية وبدلاً من ذلك أعتمد على الشهادات الأولى للأشخاص
لرسم صورة مرعبة للمذبحة الضخمة التي ارتكبت في معسكرات الموت النازية.
يستعرض المخرج الفرنسي البالغ من العمر 89 عام الصعوبات التي واجهته أثناء تعقب الناجين من
المعسكرات والتسجيلات السرية لشهادات ضباط التعذيب السابقين، ومعاركه مع المنتجين
والممولين والمونتاج المُنهِك الذي استمر لنصف عقد.
1- أبحث عن
جوهر فيلمك
يقول (لانزمان) أن (المحرقة) جاءت فكرته
بتكليف من مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية عندما تحداه أن يصنع فيلما عن
الهولوكوست، وكان قرار قبول هذا التكليف ثقيل لأن المعلومات المتوافرة لديه هي
التي يعرفها الجميع، لذا كان عليه أن يبحث عن الفكرة الأساسية للفيلم، وحينما
وجدها كان يعرف بالضبط ماذا سوف يفعل. الفيلم لم يقوم باختبار وتحليل النتائج التي
أدت إلى المذبحة ولكن على كيف تمت من خلال استخدام الشهادات الأولى للأشخاص
واللقطات التي تم تصويرها على الطبيعة.
2- عليك أن تكذب أحياناَ
من بين التحديات التي واجهت (لانزمان) هو جمع
المال اللازم لاستكمال تصوير فيمله طويل الأمد، وكان عليه أن يكذب و يتعهد للجميع
بأنه سوف ينتهي منه العام المقبل وأنه سوف يقصره على ساعتين فقط، لكنه لم يفعل
ذلك، كما يضيف (لانزمان) أنه كذب أيضاً على النازيين الذي ظهروا في فيلمه أيضاً، ففي
البداية تواصل مع الضباط السابقين المسئولين عن التعذيب داخل المعسكرات وشرح لهم
من يكون وماذا يريد أن يفعل ولكنهم رفضوا التحدث معه، لذا قام باستخراج جواز سفر
مزيف وادعي أنه باحث يقوم بإجراء مقابلات شفهية من أجل أطروحة أكاديمية، وأن المعلومات
التي سوف يجمعها منهم سوف تنشر في أطروحته تحت أسماء مجهولة. وأثناء حديثهم معه
قام بتصويرهم بكاميرا خفية وظهرت ووجههم في الفيلم وقد تعرض أسلوبه هذا لكثير من
النقد بعد عرض الفيلم، ورد (لانزمان) أنهم لم يحترموا الأوامر الصادرة لهم بسرية الموضوع فلماذا
يحترم كلمته معهم؟!
3- كسب الثقة يستغرق وقتاً
كان على (لانزمان) أن يقوم بعمل لقاءات مع
أفراد من وحدة (Sonderkommandos)
وهو مصطلح ألماني يعني (وحدة خاصة) كانت مؤلفة من اليهود السجناء في معسكرات
النازي، وكانت مهمة هذه الوحدة هي المساعدة في التخلص من جثث اليهود ضحايا غرف
الغاز. وقد قضى المخرج مع هؤلاء أيام بدون كاميرا أو أي شيء، فقط يتحدثون إليه
ويستمع لهم، والتقى مع أسرهم وشرح لهم ما ينوي فعله حتى اكتسب ثقتهم، كما لم يقبل
جميع الناجين التحدث معه. من بين المشاهد الشهيرة في (المحرقة ) كان لقاء (إبراهام
بومبا) الحلاق الذي كان يقوم بقص شعر النساء قبل دخولهم غرف الغاز بلحظات قليلة،
فقد انهار (إبراهام) أثناء رواية شهادته ولم يستطع إكمالها إلا حينما قام
(لانزمان) بدفعه إلى ذلك.
4- أنت بحاجة إلى الدعم
كمخرج لفيلمك يجب أن تكون لك الكلمة الأخيرة
لكن حينما تتراكم عليك الصعوبات ويصبح مشروعك متخبطاً فأنت بحاجة إلى شبكة من
الدعم، ليس فقط من فريقك ولكن من أصدقائك وأحبائك من خارج دائرة صانعي الأفلام،
ولقد كانت الفيلسوفة (سيمون دي بيفوار) مصدر هذا الدعم لـ(لانزمان) فقد كانا في
علاقة غرامية استمرت سبع سنوات.
5- لن يكون سهلاً
تردد أن (لانزمان) استغرق 12 عاماً في صنع فيلمه قضى خمسة منها في
مونتاج 225 ساعة من المواد المصورة ، فحينها لم يكن متوفراً برامج مونتاج مثل Final cut أو Adobe Premier
فكان عليه أن يربط بكرات الشرائط معاً وكان يشاهدها مراراً وتكراراً ليختار لقطاته.
لقد تعلم (لانزمان) من ذلك الصبر وأن يكون وفياً لرؤيته، يقول "أنت بحاجة
لتكون على علاقة خاصة جداً مع الوقت، تخيل أنك تتسلق جبلاً ولا يوجد سوى طريق صحيح
واحد يؤدي إلى القمة. ربما تكون صناعة الأفلام صعبة، ولكن إذا لم تكن كذلك فلم
تشعر بالإنجاز في نهاية الأمر".
6- نجاح المشروع لا يعني نهايته.
يقول (لانزمان) أنه فخور بما أنجزه، لكن ذلك
لم يريحه من المعاناة، وقد استغرق وقتاً طويلاً حتى يتعافى من الآلام التي سببها
له الفيلم. فلا يمكن أن تصنع فيلماً مثل (المحرقة) وتنتهي منه وأنت تشعر بالبهجة.
لمشاهدة الفيلم: