الثلاثاء 16 أبريل 2024 م - 07 شوال 1445 هـ

نساء في تاريخ السنيما التسجيلية المصرية 1

الإثنين 22/يونيو/2015 - 03:57 م
هدى عمران
 
منذ أكثر من قرن وبالتحديد في عام 1895 استقبل العالم أول فيلم تسجيلي أخرجه الأخوين " لومير" – " لوى وأوجست لومير " – واللذان قدما عرضا لمدة دقيقتين أو أكثر بعنوان " الخروج من مصانع لوميير " و" وصول قطار الى محطة لاسبوتات ".
ويذكر عبدالقادر التلمساني في كتابه " تاريخ السنيما التسجيلية" أنه من بعد هذا العام 1895 انتشرت الأفلام التسجيلية في العالم كله، وكان من أهم الأسماء البارزة في هذا المجال  روبيرت فلاهيرتى الآمريكى ( 1884 – 1951 )، و" دريجا فيرتوف السوفيتى (1895-1954 ) و" جون جريرسون الانجليزى ( 1898-1973) و" جوريس ايفانس الهولندى (1898 – 1989 م) وغيرهم .
يقدر بعض المؤرخين أن أول فيلم تسجيلي متكامل ظهر نهاية عام 1912 للمخرج الإنجليزي "هوبرت بونج"، وهو اكتشاف سكوت للقطب الجنوبي، وهناك من يرى أن أول فيلم تسجيلي متكامل ظهر عام 1915 من إخراج الكندي "روبرت فلاهرتي" وهو فيلم "نانوك رجل الشمال" حيث قام "فلاهرتي" بمعايشة أبطال فيلمه «نانوك» وأفراد أسرته، وحقق هذا الفيلم نجاحاً كبيراً في أمريكا وأوروبا .في هذا التوقيت تقريبا  دخل فن السنيما الى مصر.
ظهرت أول دار للعرض السينمائي في الإسكندرية لأحد الفرنسيين اسمه "دو لاجارن" حيث كان يلتقط بالكاميرا السينمائية الخاصة له الكثير من المناظر للناس العاديين والآثار المصرية وكان يعرض هذه الأفلام في دار العرض، و يقوم بتصدير واستيراد أفلام أجنبية تسجيلية.
نساء في تاريخ السنيما
ووفقا لكتاب التلمساني فإن أول فيلم تسجيلي في تاريخ السينما المصرية  ظهر عام 1924م ليواكب افتتاح مقبرة (توت عنخ أموت ) وقد أخرجه ( محمد بيومي) – رائد السينما المصرية – وكانت مدته ثمانية دقائق ، ثم تلاه فيلم " حديقة الحيوان " من اخراج " محمد كريم " عام 1927م ، ثم أخرج " نيا زى مصطفي " عددا من الأفلام الدعائية " لشركات بنك مصر " عام 1936م ، كذلك أخرج المصور السينمائي مصطفي حسن " فيلم (( الحج الي مكة )) عام 1938م ، كما أخرج ( صلاح أبو سيف ) فيلما عن (( وسائل النقل في مدنية الاسكندرية )) عام 1940م ، إلا أن كل هؤلاء تحولوا بعد ذلك إلي اخراج الأفلام الروائية وأصبحوا أعمدة السينما المصرية ( الدراما ) .كما لمعت أسماء كثيرة في تاريخ السنيما التسجيلية مثل سعد نديم ،راغب عياد ،صلاح التهامي ، عبدالقادر التلمساني، سعدية غنيم ، سمير عوف ،فريدة عرمان، سميحة الغنيمي ،ألفريد ميخائيل ،على الغز ولى، وغيرهم الكثيرون.لكن غير هؤلاء لابد من التوقف عند شخصية هامة جدا في تاريخ السنيما التسجيلية والسنيما المصرية عموما ، وهي الممثلة والمخرجة عزيزة أمير .

نساء في تاريخ السنيما
عزيزة أمير
“…يكفيني فخراً يا حضرات السادة، إن صناعة السينما قد تقدمت هذا التقدم الكبير، وأن أكون أنا الفدية والقربان…”، كانت هذه كلمات الفنانة عزيزة أمير في المؤتمر الأول للسينما المصرية عام 1936.
لم تكن تجارب المخرج محمد كريم هي أولى البدايات في تاريخ السنيما المصرية ، سبقته بعض التجارب و التي كانت بداياتها مع "  مفيدة محمد غنيم" التي اشتهرت فيما بعد باسم " عزيزة أمير " الاسم الذي أطلقه عليها يوسف وهبي  صاحب مسرح رمسيس عندما التحقت بالعمل في فرقته . و لكن هي أطلقت على نفسها اسم “إيزيس” اشارة لانتماءها الثقافي الى الجزور الفرعونية .
 ولدت عزيزة أمير  في دمياط بشمال مصر في 17 من ديسمبر عام 1901، و في مصادر أخرى عام 1908 وتوفت 1952
نساء في تاريخ السنيما
 الرحلة الى السنيما
دخلت عزيزة أمير الى السنيما  من باب المسرح، عن طريق فرقة رمسيس  المسرحية برئاسة يوسف وهبي و التي انضمت اليها في  صيف عام 1925.
ظلت عزيزة أمير مع يوسف وهبي موسماً واحداً فقط ، ثم تنقلت بين فرقتي “شركة ترقية التمثيل العربي” ونجيب الريحاني ، ثم عادت الى فرقة رمسيس وقامت ببطولة مسرحية “أولاد الذوات” ، والتي تحولت الى فيلم سينمائي، كانت مرشحة لتمثيل دورها فيه، إلا أن الدور قد ذهب الى الفنانة أمينة رزق.
في بداية عام 1926، جاء الى القاهرة الفنان التركي ”وداد عرفي” الذي اقترن اسمه دائماً بتاريخ نشأة السينما المصرية، بالرغم من أن جميع محاولاته في هذا الميدان كانت مجرد مشروعات بدأ بتنفيذها ثم قام بإتمامها غيره، كان له الفضل في إقناع عدد من السيدات المصريات بالنزول الى ميدان الإنتاج عزيزة أمير ـ فاطمة رشدي ـ آسيا.
نساء في تاريخ السنيما
فيلم ليلى
نجح “وداد عرفي” في اقناع “عزيزة أمير”  والتي خاضت تجارب صغيرة في التصوير واخراج الأفلام القصيرة عن عائلتها ، أقنعها بإنتاج فيلم “ليلي”، الذي سبق و أن أخرجه في فصلين باسم “نداء الله”، وقام فيه بدور البطولة أمام عزيزة أمير، ثم أعيد إخراجه في خمسة فصول بالاسم الجديد، بعد حذف دوره، وإسناده الى “أحمد علام” ليصبح أول فتى أول في تاريخ السينما المصرية. أما الإخراج فقد أكمله “ستيفان روستي” بالاشتراك مع “أحمد جلال” و”حسين فوزي” ومصور الفيلم الإيطالي “تيليو كياريني”، واشترك في تصويره المصور المصري الهاوي حسن الهلباوي، وتم تصوير الفيلم بين الهرم وسقارة وشوارع القاهرة، بينما تم التحميض والطبع في منزل منتجة الفيلم الذي تحول الى أستوديو في شارع البرجاس بحي جاردن سيتي.
أما قصة الفيلم فهي تدور بين الريف والمدينة، وبطلتها ليلى ـ وهي فتاة من الريف ـ تقع في حب البطل أحمد الشاب البدوي الذي يعمل دليلاً سياحياً، لكنه يقع في حب سائحة أمريكية ويرحل معها الى الخارج، فتهرب من القرية للمدينة .
بعد إنتاجها للفيلم الأول “ليلى” عام 1927، تبعته بفيلم من اخراجها “بنت النيل” الذي عرض في الثاني من ديسمبر عام 1928.
التجارب الأخرى
في بداية الثلاثينات قامت بإنتاج فيلم ثالث بعنوان (كفري عن خطيئتك) الذي عرض في الثالث والعشرين من مارس عام 1933، والذي تكبدت فيه خسائر كبيرة، فقد كان فيلماً صامتاً عرض في عهد الفيلم الناطق.
ثم عادت “أميرة عزيز” مرة أخري الي السينما من خلال انتاج وتمثيل فيلم “بياعة التفاح” أول أفلامها الناطقة، عن قصة من تأليفها، وساعدها في كتابة السيناريو المخرج حسين فوزي، الذي أسندت اليه مهمة اخراج الفيلم ، الذي شارك فيه "بيرم التونسي"  بعد عودته من المنفي ، للمرة الاولي له في كتابة الحوار فضلا عن كتابته لأغاني الفيلم ، وقام بالغناء مطرب “عزيزة أمير” المفضل “حسن مختار صقر”، الذي قدمته في كل أفلامها ، كما قدمت فيه وجهاً جديداً هو “محمود ذوالفقار” الذي قام أمامها بدور البطولة مع أنور وجدي، وقد تزوجت عزيزة أمير هذا الوجه الجديد وأصبح شريكها في الحياة والأفلام.
واستمرت عزيزة أمير في الإنتاج باسم شركتها “إيزيس فيلم”، فأنتجت خمسة وعشرين فيلماً، حتي ختمت مشوارها الفني بإنتاج فيلم (آمنت بالله) الذي عرض بدار سينما الكوزمو في الثالث من نوفمبر عام 1952، بعد أن احترقت بعض فصوله في حريق القاهرة في السادس والعشرين من يناير عام 1952، وكاد يحتجب دون أن يرى النور، بعد وفاة بطلته بعد يومين من نفس التاريخ، لولا أنه قد أجريت عليه بعض التعديلات، وعرض الفيلم في الموسم التالي، وقد وضعت باقة زهور كبيرة في مكان البطلة الراحلة.

تقييم الموضوع

تعليقات Facebook


تعليقات البوابة الوثائقية