"زيارة الباب العالي لمسجد سيدي أبو العباس" أول فيلم تسجيلي مصري خالص
الأربعاء 10/يونيو/2015 - 12:14 ص
إبتهال حسين
مازال الجدل حول توثيق الواقع بالأفلام الوثائقية /التسجيلية ، حيث يتداخل الخيال مع الواقع خاصا فى الأفلام التى تحاول التأثير على الواقع وبين الأفلام التى توثق بشكل حيادي ودون إبداء أى رأي فيها، فلم توجد السينما لتتجاوز مادة الواقع فقط بل لتسجيل مادة الواقع واحترامه –حسب كراكاور-، فيظهر الفيلم مهيأ بشكل فريد لرصد الواقع الحقيقي وليس المختلق. لتتأكد بذلك فرضية كراكاور لإعلاء مكانة الفيلم التسجيلي. ليكون أيضا الفيلم الوثائقي هو المعالجة الخلاقة للواقع.
تزامن البحث عن مثل تلك الأجوبة حول أول فيلم تسجيلي / وثائقي مصري في تاريخ السينما المصرية، فإن حاول أحدكم البحث عن إجابه دقيقة وموثقة فقط يطول البحث وتضارب لديه المعلومات، حيث كانت بدايات السينما المصرية مصدرا مستمرا للأبحاث، فحسب ما جاء في الكتاب الذي صدر منذ فترة ليست بطويلة بعنوان "السينما المصرية الصامتة الوثائقية / التسجيلية" لكلا من المؤلفين إبراهيم الدسوقى وسامى حلمي ، والذي كتب في مقدمته :" لم يعرف أي بلد في العالم تأريخا سينمائيا لها أول فيلم روائي طويل سوى مصر التي ظل مؤرخوها السينمائيون وحتى وقت قريب يرفضون الاعتراف بأي تاريخ سابق على عرض فيلم" ليلى" يوم الأربعاء 16 نوفمبر 1927" ، فقد حسم الأمر أن أول فيلم وثائقي مصري خالص بعقول فنية مصرية وأموال مصرية كان فى 11 يونيو عام 1907، وهو "زيارة الباب العالي لمسجد سيدي أبو العباس، الذي يعد البداية الحقيقية للسينما المصرية.
وانتشرت دور العرض بالاسكندرية أولا معلنا عن الفيلم المصرى الأول يوم 20 يونيو 1907 ،حيث كان اول فيلم صنع فى مصر ومن خلال شركة مصرية رغم ان المخرج كان اجنبى وهو "لومير" ومن هنا يمكن التأريخ لبداية فن السينما فى مصروكان الفيلم اسمه زيارة جناب العالى للمعهد العلمى فى مسجد سيدى ابى العباس المرسى ، في قاعة بورصة طومسون، ثم إنتقل بعد أن لاقى نجاحا كبيرا بالأسكندرية إلى القاهرة.
يعتبر أن المنتجان عزيز ودوريس هما أول من صنع شريطا سينمائيا مصريا صامتا بعنوان «زيارة جناب الباب العالي للمعهد العلمي في مسجد سيدي أبو العباس»، وذكر أن هذا الشريط صُنع بتصريح خاص من الخديوي إسماعيل وقتذاك.
وتعد هذا الفيلم وما بعده هو محاولات لتمصير السينما، ونشأة استديو مصر، كما أنه يرصد ملامح البدايات في الاسكندرية منذ عام 1907، وصولا الى تعاظم شأن السينما المصرية.
كان الفيلم نتيجة لبعثة لومير الثانية لمصر، التي لم يكتف مصوروها بعملية التصوير بل قاموا بتعليم المصريين حرفة التصوير و زودوهم بالمعدات اللازمة وكان ممن تعلم منهم المصوران الفوتوغرافيان عزيز و دوريس اللذان أنتجا الفيلم، وأنتبها أيضا الى مدى علاقة العامة من متفرجي السينما بحدث مصري وهو عامل هام في شكل حياة مصر الاجتماعية، حيث بدأت السينما من هذا الفيلم ترصد ما يدور في حياة العامة، محاولة منهما لجعل رباط وثيق بينهما، كما أنهما تنبها ربما بالصدفة ، إلى أن الشرائط المعروضة فى مصر من أواخر 1896، ليس لها أى صلة أو علاقة بالواقع المصري المعاش، فكانت ليست سوا صورا ليست لها علاقة بالواقع المصري، بل عرض ما يود ان يراه الغرب الأوروبي، فكانت الشرائط عن تسجيل بعض المزارات والمظاهر السياحية لميادين عامة وكباري وساحات مساجد وأهرامات الجيزة .. فقط. فقد استنتج عزيز ودوريس أن السينما التي يمكن تقديمها لا بد و أن يكون لها علاقة تسجيلية ما، وأن يكون هناك شكل وثيق الصلة بالمتفرج، لتكون فكرتيهما التي طرحانها هنا فكرة مركزية تعكس إشكالية ظلت ترافق، وحتى زمننا المعاصر، تطور و مسيرة السينما المصرية في شقيها الوثائقي/ التسجيلي و الروائي.