حكايات ناتالي بورتمان تتحدى إسرائيل في مهرجان "كان"
يشهد مهرجان "كان" الذي يبدأ 13 مايو القادم، ضمن قسم عروض خاصة عرض فيلم "حكاية الحب والظلام" الذي قامت النجمة "ناتالي بورتمان" بكتابته وانتاجه وبطولته وإخراجه أيضا في أولى تجاربها كمخرجة.
الفيلم مأخوذ عن مذكرات أشهر أدباء اسرائيل "عاموس عوز". وهو صحفي وأديب ومن أبرز دعاة السلام وحل النزاع الاسرائيلي الفلسطيني، كما أنه من أكثر المعارضين للاستيطان. وقد ترجمت أعماله الأدبية إلى عشرات اللغات منها العربية . أما مذكراته التي نشرت في كتاب بعنوان "حكاية الحب والظلام" عام 2002، فقد ترجمت لـ 28 لغة منها العربية و بيع منها حوالي مليون نسخة حول العالم . وقد تعرض "عاموس" لانتقاد كبير من الأحزاب اليمينية عندما قام بإرسال نسخة مترجمة للغة العربية من الكتاب إلى "مروان البرغوثي" أحد القيادات الفلسطينية والمعتقل في السجون الاسرائيلية منذ عام 2002 وكتب له إهداء يقول فيه ( هذه الحكاية هي حكايتنا ، اتمنى أن تقرأها وتفهمنا كما نفهمكم أتمنى أن أراك في الخارج وفي سلام).
ناتالي بورتمان قامت من قبل بإخراج فيلمين قصيرين هما "نيويورك أحبك - ناتالي بورتمان" ضمن مجموعة من الأفلام القصيرة أخرجها عدد من المخرجين وعرضت معا في فيلم طويل بعنوان "نيويورك أحبك" عام 2008 .. كما قامت في نفس العام بإخراج فيلمها القصير الثاني " حواء" .
و"بورتمان " من مواليد القدس لأب اسرائيلي وأم أمريكية هاجرت معها ناتالي إلى أمريكا وهي طفلة وبدأت في العمل كممثلة وهي في الثالثة عشر من عمرها، وكانت بدايتها في أدوار متميزة في العديد من انتاجات هوليوود الهامة منها "ليون" ،"لهيب" و "هجوم المريخ" وقد نالت العديد من الجوائز منها أوسكار أفضل ممثلة عام 2011 عن دورها في فيلم "البجعة السوداء" كما رشحت لأوسكار أفضل ممثلة مساعدة عام 2005 عن دورها في فيلم "قريب".ومن أعمالها الهامة أيضا "فانديتا" و" أشباح جويا".
فيلم "حكاية الحب والظلام" تدور أحداثه في الثلاثينيات حول طفولة ومراهقة "عاموس عوز". الفيلم ناطق بالعبرية وتم تصويره في القدس وتؤدي فيه ناتالي بورتمان دور والدة "عاموس عوز" التي انتحرت وهو في الثانية عشرة من عمره.
وخلال تصوير العمل تعرضت بورتمان للعديد من المضايقات من قبل اليهود من سكان منطقة نحلؤوت التي تم بها التصوير وتقدموا بشكاوى ضدها لانزعاجهم من أن فريق العمل يصورون بجانب معابد يهودية ويرتدون ملابس غير محتشمة وذلك على الرغم من أن التصوير كان في شهر فبراير أي في الشتاء .
اختيار بورتمان لكتاب عاموس عوز هو تعبير عن توجهها الفكري المشابه لأفكار "عاموس" المؤيدة لانفصال الدولتين وايقاف العنف الاسرائيلي ضد الفلسطينين. وهو ما أكدته مؤخرا تسريبات "ويكيليكس" التي نشرتها بعض الصحف والمواقع في الأسبوع الماضي واحتوت على تسريبات للعديد من الرسائل الالكترونية التي تكشف عن طبيعة علاقة فناني هوليوود بالروابط وجماعات الضغط اليهودية وعدد من أعضاء الحكومة الاسرائيلية على رأسها بينيامين نتنياهو . كشفت هذه التسريبات عن رفض بورتمان للمشاركة في المخططات والمشاريع التي يحاول فيها أعضاء الروابط اليهودية التعاون مع فناني هوليوود لدعم اسرائيل ماديا ومعنويا. على سبيل المثال في رسالة وجهها المنتج بن سيلفرمان إلى عدد من الفنانين وصناع السينما في هوليوود كنوع من الرد على دعوة المخرج البريطاني كين لوتش بالمقاطعة الثقافية لإسرائيل كتب سيلفرمان:
"إن الزوجة ،الابنة ،الأم والأخت يعرفن الشر الذي يهدد النساء في خطاب الشريعة الاسلامية وقد حان الوقت لننتبه إلى ضرورة أن يكون لنا صوت واختيار في ديمقراطيتنا ونرفض ملكياتهم وديكتاتوريتهم التي تزدهر مع الرقابة على الأعمال الفنية .لذا دعونا لا ننحني ونقف أمامهم" .
ردا على هذه الرسالة التي بعث بها سيلفرمان لعدد كبير من نجوم هوليوود كتبت بورتمان رسالة مقتضبة قالت فيها أنها ترفض أن يتم تداول عنوان بريدها الشخصي مع أشخاص لا تعرفهم . وقد رد عليها أحد مليونيرات هوليوود وهو المنتج رايان كفانوف قائلا: "آسف انت على حق . اليهود يذبحون من أجل معتقداتهم وأصدقاء وضيوف مهرجان "كان" يدعون لمقاطعة إسرائيل- يقصد بذلك كين لوتش. إن أي شيء يخص اسرائيل واليهود هو أقل بكثير في أهميته من تداول عنوان بريدك الالكتروني مع عشرين شخصا يحاولون أن يصنعوا فرقا . اعرف أنك لا تهتمين وسوف أدعك وشأنك ولكني كنت مع القنصل الإسرئيلي أمس وقد عبر لي عن استيائه وانزعاجه من دعمك لهؤلاء وطلب مني أن أخبرك بذلك وعندما أخبرته عن موقفك قال لي ثلاثة مرات "ولكنها يهودية وذكية" .
التسريبات كشفت أيضا عن هجوم شديد تعرضت له بورتمان خلال حفل عشاء بين رئيس الوزراء الاسرائيلي ناتانياهو ومسئولين في شركة "سوني"، وذلك بسبب موقفها المعادي لاسرائيل. كما نشر موقع "ويكيليكس" تسريبات أخري حول علاقة عدد من منتجي هوليوود وخاصة العاملين في شركة "سوني" ببعض أعضاء الروابط اليهودية التي تدعو إلى تكاتف هوليوود ضد ما أطلقوا عليه "صعود تيار معاداة السامية في أوروبا"، وعن محاولة هؤلاء لصنع فيلم وثائقي ضخم التكلفة يشارك به فناني هوليوود حول معاداة السامية. وقد ارسلوا لـناتالي بورتمان يدعونها للتعاون معهم في الفيلم ولكنها لم ترد.